ادب الاختلاف
الجمعة مايو 15, 2009 7:50 pm
مقدمـة:
الاختلاف هو التباين في الرأي والمغايرة في الطرح وقد ورد فعل
الاختلاف كثيراً في القرآن الكريم قتا تعالى:{ فاختلف الأحزاب من بينهم }
(مريم) ،وقال تعالى:{ يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون
}(البقرة) ،وقال تعالى:{ و ما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جائتهم
البينات }(البقرة) ،وقال تعالى:{ وما اختلفتم فيه من شيء... } (الجاثية).
أما
الخلاف فهو مصدر من خالف إذا عارضه ،قال تعالى:{ وما أريد أن أخالفكم إلى
ما أنهاكم عنه } (هود) ،وقال تعالى:{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره
}(النور).
وجاء بصيغة المصدر قال تعالى{ لا يلبثون خلافك إلا قليلاً } (الإسراء) ،وقال تعالى{ وأرجلهم من خلاف} (المائدة).
والاختلاف
قد يوحي بشيء من التكامل والتناغم كما في قوله تعالى { فأخرجنا به ثمرات
مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها } (فاطر).
وأما الخلاف فإنه لا يوحي بذلك وينصب الاختلاف غالباً على الرأي اختلف فلان مع فلان في كذا والخلاف ينصب على الشخص.
ثم
إن الاختلاف لا يدل على القطيعة بل قد يدل على بداية الحوار فإن ابن مسعود
اختلف مع أمير المؤمنين عثمان في مسألة إتمام الصلاة في سفر الحج ولكنه لم
يخالف بل أتم معه وقال : الخلاف شر.
قد يدل الخلاف على القطيعة.
هذا
الإيحاءات والظلال جعلتنا نفضل كلمة الاختلاف التي قد تكون مقدمة للتفاهم
والتكامل على كلمة الخلاف وإن كان العلماء يستعملون كلتا الكلمتين لتأدية
نفس المعنى باعتبارهما من المترادف فتتعاوران وتتعاقبان .
الكلمات ذات العلاقة :
هناك كلمات قوية في دلالتها على اشتداد الخلاف كالنزاع والشقاق وهو الوقوف في شق أي في جانب يقابل ويضاد الجانب الآخر.
الاختلاف
ظاهرة لا يمكن تحاشيها باعتبارها مظهراً من مظاهر الإرادة التي ركبت في
الإنسان إذ الإرادة بالضرورة يؤديان إلى وقوع الاختلاف والتفاوت في الرأي.
وقد
انتبه لذلك العلامة ابن القيم عندما يقول : "وقوع الاختلاف بين الناس أمر
ضروري لا بد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي
بغضهم على بغض وعدوانه" ( إعلام الموقعين)
فإن الشقاق يمكن تفاديه بالحوار الذي من شأنه أن يقدم البدائل العديدة لتجنب مأزق الاصطدام في زاوية الشقاق.
ونحن في ورقتنا هذه إنما نبحث عن البدائل انطلاقاً من الشريعة الإسلامية نصوصاً ومقاصد وأصولاً وفروعاً وتطبيقات بنماذج تاريخية .
الباعث
: إن الباعث على هذه الورقة هو ملاحظة لا تعزب عن بال أحد بل لا تغرب عن
حواسه تتمثل في اختلاف كثير تصديقا لقوله عليه الصلاة والسلام { وإنه من
يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً } .
وهو اختلاف انتشر في الأمة
أفقيًا وعمودياً في كل الفئات وعلى مختلف المستويات. تعددت أسبابه وتنوعت
ألوانه واستعلمت فيه كل الوسائل من تكفير وتفسيق وتبديع وتشويه وتسفيه وما
شئت من مصدر على وزن تفعيل.
وأستعمل فيه الخصوم كل أدوات الدفاع
والهجوم وضاقت بالحياد فيه الأرض بما رحبت فالكل متهم والكل براء وأعجز
داء الأمة الدواء فحضر الشهود إلا شاهد العقل واستحضرت الحجج إلا حجة
الإنصاف ( وما أبرئ نفسي ).
ونحن هنا لا نحاول إصدار فتاوى في مسائل
الاختلاف ولا تحضير بلسم سحري يبرء الأوصاب لأن ذلك ليس في مقدورنا ولا في
طاقتنا فقد نتكلف شططاً ونكلفكم عناء وعنتا لو حاولنا ذلك ، وقد يكون من
المفارقات أن أطلب من الآخرين التواضع والنسبية في الحكم ، وفي الوقت نفسه
أصدر أحكامه باتة في قضاياهم.
إن محاولتنا تعنى بحثاً عن كيفية تعقيل
أو عقلنة جدلنا وتنظيم اختلافاتنا وترتيب درجات سلم أولوياتنا وتحسين
نياتنا وإرادتنا على ضوء ما يستخلص من نصوص شرعية حاكمة وآثار عن السلف
شارحة وممارسات رشيدة هادية. إذ من شأن ذلك أن يقلل من الخلاف أو ينزع
فتيل ناره لتصبح بردًا وسلاماً.
يقول العلامة ابن القيم : " فإذا كان
الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباس والتحري وكل من المختلفين قصده طاعة
الله ورسوله لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية
لأنه إذا كان الأصل واحدا والغاية المطلوبة واحدة والطريقة المسلوكة واحدة
لم يكد يقع اختلاف وإن وقع كان اختلافًا لا يضر كما تقدم من اختلاف
الصحابة ) (الصواعق المرسلة ج 2 ص 519 )
كيف
نجعل اختلافنا من هذا النوع الذي أشار إليه ابن القيم ؟ فإذا ذلك غرضنا
فلننتقل إلى تأصيل أهمية الألفة وإصلاح ذات
البين.[color:5b52="black"][color:5b52="Red"]
الاختلاف هو التباين في الرأي والمغايرة في الطرح وقد ورد فعل
الاختلاف كثيراً في القرآن الكريم قتا تعالى:{ فاختلف الأحزاب من بينهم }
(مريم) ،وقال تعالى:{ يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون
}(البقرة) ،وقال تعالى:{ و ما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جائتهم
البينات }(البقرة) ،وقال تعالى:{ وما اختلفتم فيه من شيء... } (الجاثية).
أما
الخلاف فهو مصدر من خالف إذا عارضه ،قال تعالى:{ وما أريد أن أخالفكم إلى
ما أنهاكم عنه } (هود) ،وقال تعالى:{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره
}(النور).
وجاء بصيغة المصدر قال تعالى{ لا يلبثون خلافك إلا قليلاً } (الإسراء) ،وقال تعالى{ وأرجلهم من خلاف} (المائدة).
والاختلاف
قد يوحي بشيء من التكامل والتناغم كما في قوله تعالى { فأخرجنا به ثمرات
مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها } (فاطر).
وأما الخلاف فإنه لا يوحي بذلك وينصب الاختلاف غالباً على الرأي اختلف فلان مع فلان في كذا والخلاف ينصب على الشخص.
ثم
إن الاختلاف لا يدل على القطيعة بل قد يدل على بداية الحوار فإن ابن مسعود
اختلف مع أمير المؤمنين عثمان في مسألة إتمام الصلاة في سفر الحج ولكنه لم
يخالف بل أتم معه وقال : الخلاف شر.
قد يدل الخلاف على القطيعة.
هذا
الإيحاءات والظلال جعلتنا نفضل كلمة الاختلاف التي قد تكون مقدمة للتفاهم
والتكامل على كلمة الخلاف وإن كان العلماء يستعملون كلتا الكلمتين لتأدية
نفس المعنى باعتبارهما من المترادف فتتعاوران وتتعاقبان .
الكلمات ذات العلاقة :
هناك كلمات قوية في دلالتها على اشتداد الخلاف كالنزاع والشقاق وهو الوقوف في شق أي في جانب يقابل ويضاد الجانب الآخر.
الاختلاف
ظاهرة لا يمكن تحاشيها باعتبارها مظهراً من مظاهر الإرادة التي ركبت في
الإنسان إذ الإرادة بالضرورة يؤديان إلى وقوع الاختلاف والتفاوت في الرأي.
وقد
انتبه لذلك العلامة ابن القيم عندما يقول : "وقوع الاختلاف بين الناس أمر
ضروري لا بد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي
بغضهم على بغض وعدوانه" ( إعلام الموقعين)
فإن الشقاق يمكن تفاديه بالحوار الذي من شأنه أن يقدم البدائل العديدة لتجنب مأزق الاصطدام في زاوية الشقاق.
ونحن في ورقتنا هذه إنما نبحث عن البدائل انطلاقاً من الشريعة الإسلامية نصوصاً ومقاصد وأصولاً وفروعاً وتطبيقات بنماذج تاريخية .
الباعث
: إن الباعث على هذه الورقة هو ملاحظة لا تعزب عن بال أحد بل لا تغرب عن
حواسه تتمثل في اختلاف كثير تصديقا لقوله عليه الصلاة والسلام { وإنه من
يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً } .
وهو اختلاف انتشر في الأمة
أفقيًا وعمودياً في كل الفئات وعلى مختلف المستويات. تعددت أسبابه وتنوعت
ألوانه واستعلمت فيه كل الوسائل من تكفير وتفسيق وتبديع وتشويه وتسفيه وما
شئت من مصدر على وزن تفعيل.
وأستعمل فيه الخصوم كل أدوات الدفاع
والهجوم وضاقت بالحياد فيه الأرض بما رحبت فالكل متهم والكل براء وأعجز
داء الأمة الدواء فحضر الشهود إلا شاهد العقل واستحضرت الحجج إلا حجة
الإنصاف ( وما أبرئ نفسي ).
ونحن هنا لا نحاول إصدار فتاوى في مسائل
الاختلاف ولا تحضير بلسم سحري يبرء الأوصاب لأن ذلك ليس في مقدورنا ولا في
طاقتنا فقد نتكلف شططاً ونكلفكم عناء وعنتا لو حاولنا ذلك ، وقد يكون من
المفارقات أن أطلب من الآخرين التواضع والنسبية في الحكم ، وفي الوقت نفسه
أصدر أحكامه باتة في قضاياهم.
إن محاولتنا تعنى بحثاً عن كيفية تعقيل
أو عقلنة جدلنا وتنظيم اختلافاتنا وترتيب درجات سلم أولوياتنا وتحسين
نياتنا وإرادتنا على ضوء ما يستخلص من نصوص شرعية حاكمة وآثار عن السلف
شارحة وممارسات رشيدة هادية. إذ من شأن ذلك أن يقلل من الخلاف أو ينزع
فتيل ناره لتصبح بردًا وسلاماً.
يقول العلامة ابن القيم : " فإذا كان
الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباس والتحري وكل من المختلفين قصده طاعة
الله ورسوله لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية
لأنه إذا كان الأصل واحدا والغاية المطلوبة واحدة والطريقة المسلوكة واحدة
لم يكد يقع اختلاف وإن وقع كان اختلافًا لا يضر كما تقدم من اختلاف
الصحابة ) (الصواعق المرسلة ج 2 ص 519 )
كيف
نجعل اختلافنا من هذا النوع الذي أشار إليه ابن القيم ؟ فإذا ذلك غرضنا
فلننتقل إلى تأصيل أهمية الألفة وإصلاح ذات
البين.[color:5b52="black"][color:5b52="Red"]
- رامافريق الإشراف
عدد الرسائل : 254
العمر : 32
رقم العضوية : 7
التقييم :
تاريخ التسجيل : 18/11/2007
رد: ادب الاختلاف
الجمعة فبراير 05, 2010 6:25 pm
يسلمو كتير رهام ع الموضوع
- رامافريق الإشراف
عدد الرسائل : 254
العمر : 32
رقم العضوية : 7
التقييم :
تاريخ التسجيل : 18/11/2007
رد: ادب الاختلاف
الجمعة يناير 21, 2011 2:01 pm
موضوع جميل اخت رهام وشكرا ع مشاركتك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى